أعراض التهاب غدد الرقبة

التهاب غدد الرقبة: الأعراض والعوامل المساهمة

تعتبر الغدد اللمفاوية جزءًا مهمًا من جهاز المناعة في جسم الإنسان، إذ تساعد في مكافحة العدوى وتنقية الجسم من السموم. تنتشر الغدد اللمفاوية في مختلف أنحاء الجسم، ومنها منطقة الرقبة التي تحتوي على عدد كبير من هذه الغدد. عندما يحدث التهاب في الغدد اللمفاوية في الرقبة، يكون ذلك غالبًا نتيجة استجابة الجسم للعدوى أو الالتهاب في منطقة معينة.

يعد التهاب غدد الرقبة من المشاكل الشائعة التي يمكن أن تؤثر على الأشخاص في مختلف الأعمار. تظهر الأعراض على شكل تورم أو ألم في الغدد اللمفاوية التي تقع في أسفل الأذن، تحت الفك، أو في الجزء الخلفي من العنق. سنستعرض في هذا المقال أبرز الأعراض المصاحبة لالتهاب غدد الرقبة، والعوامل المساهمة في حدوث هذا الالتهاب، بالإضافة إلى التشخيص والعلاج.

1. أسباب التهاب غدد الرقبة

قبل أن نتناول الأعراض التي ترافق التهاب غدد الرقبة، من المهم أن نفهم أسباب هذا الالتهاب. يمكن أن يتسبب العديد من العوامل في التهاب الغدد اللمفاوية في منطقة الرقبة، ومن أبرز هذه العوامل:

أ. العدوى الفيروسية

العدوى الفيروسية هي أحد الأسباب الرئيسية لالتهاب الغدد اللمفاوية في الرقبة. ومن الفيروسات التي يمكن أن تؤدي إلى هذا الالتهاب:

• فيروسات الأنفلونزا: قد تتسبب في تورم الغدد اللمفاوية في الرقبة إلى جانب أعراض أخرى مثل السعال، الحمى، والاحتقان.

• فيروسات التهاب الحلق: مثل الفيروسات المسببة لالتهاب الحلق، مثل فيروس Epstein-Barr (الذي يسبب داء كثرة الوحيدات).

• فيروسات الإنفلونزا الموسمية: قد تسبب التهابًا في الغدد اللمفاوية في الرقبة مع أعراض مشابهة للأنفلونزا.

ب. العدوى البكتيرية

البكتيريا يمكن أن تكون أيضًا السبب وراء التهاب الغدد اللمفاوية. بعض البكتيريا التي قد تسبب التهاب الغدد في الرقبة تشمل:

• التهاب الحلق العقدي (Strep throat): وهو عبارة عن عدوى بكتيرية تصيب الحلق، وتسبب تورمًا في الغدد اللمفاوية في الرقبة.

• السل: وهو مرض يسببه بكتيريا Mycobacterium tuberculosis وقد يسبب تورم الغدد اللمفاوية في الرقبة.

• التهابات الأسنان أو اللثة: حيث يمكن أن تؤدي العدوى في الأسنان أو اللثة إلى انتقال العدوى إلى الغدد اللمفاوية في الرقبة.

ج. الأمراض المناعية

بعض الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمامية أو التهاب المفاصل الروماتويدي يمكن أن تؤدي إلى التهاب الغدد اللمفاوية، حيث يهاجم جهاز المناعة أنسجة الجسم بشكل غير طبيعي.

د. الأورام السرطانية

في بعض الحالات النادرة، يمكن أن يكون التهاب الغدد اللمفاوية في الرقبة بسبب الأورام السرطانية مثل:

• سرطان الرأس والعنق: مثل سرطان الفم أو الحنجرة.

• سرطان الغدد اللمفاوية: مثل مرض هودجكين أو غير هودجكين.

• سرطان الرئة أو الثدي: قد ينتشر إلى الغدد اللمفاوية في الرقبة.

2. أعراض التهاب غدد الرقبة

تختلف الأعراض التي قد تظهر في حالة التهاب غدد الرقبة حسب السبب الكامن وراء الالتهاب. لكن هناك أعراض شائعة تتضمن:

أ. التورم في الرقبة

يعد التورم أحد الأعراض الرئيسية لالتهاب الغدد اللمفاوية في الرقبة. قد يظهر هذا التورم في:

• الجزء الأمامي من الرقبة (تحت الفك).

• الجزء الخلفي من العنق.

• منطقة أسفل الأذن.

عادة ما يكون التورم غير مؤلم، لكنه يمكن أن يكون مصحوبًا بألم في بعض الحالات، خاصة عندما تكون العدوى البكتيرية هي السبب.

ب. الألم والاحمرار

قد يصاحب التورم ألم في الغدد اللمفاوية المصابة. يتفاوت الألم من حالة إلى أخرى، فقد يكون:

• خفيفًا أو معتدلًا: في الحالات التي تكون فيها العدوى فيروسية.

• شديدًا: في حالات العدوى البكتيرية أو وجود التهابات شديدة.

يجب ملاحظة أن الغدد المصابة قد تبدو حمراء أو دافئة عند اللمس، خاصة إذا كانت هناك عدوى بكتيرية.

ج. الحمى

من الأعراض الشائعة التي قد تصاحب التهاب غدد الرقبة، هي الحمى (ارتفاع درجة الحرارة). إذا كانت العدوى فيروسية أو بكتيرية، فإن الجسم يرفع درجة حرارته في محاولة لمحاربة الميكروبات.

د. التعب العام وفقدان الشهية

يشعر العديد من الأشخاص الذين يعانون من التهاب غدد الرقبة بالتعب العام، كما قد يفقدون شهيتهم للطعام. هذا يمكن أن يكون نتيجة للاستجابة المناعية التي يعاني منها الجسم في محاولة لمكافحة العدوى.

هـ. صعوبة في البلع أو التنفس

في بعض الحالات، قد يتسبب التورم الشديد في الغدد اللمفاوية في منطقة الرقبة في صعوبة البلع أو التنفس، خاصة إذا كان التورم يضغط على الممرات التنفسية أو الحلق.

و. علامات الإصابة بمشاكل في الفم أو الأسنان

إذا كان السبب وراء التهاب الغدد هو عدوى في الفم أو الأسنان، فقد يعاني المريض من ألم في الأسنان، احمرار أو تورم في اللثة، أو حتى نزيف عند لمس الأسنان.

3. تشخيص التهاب غدد الرقبة

عند زيارة الطبيب بسبب التهاب غدد الرقبة، سيقوم الطبيب بجمع التاريخ الطبي للمريض وإجراء فحص سريري دقيق. قد تشمل الفحوصات الأخرى:

• تحاليل الدم: لاكتشاف وجود عدوى أو أي اضطرابات في جهاز المناعة.

• التصوير بالأشعة السينية أو الأشعة المقطعية: لتحديد السبب وراء التورم.

• خزعة من الغدد اللمفاوية: في الحالات التي يشتبه فيها وجود سرطان.

4. علاج التهاب غدد الرقبة

يعتمد علاج التهاب غدد الرقبة على السبب الكامن وراء الالتهاب:

• إذا كانت العدوى فيروسية: فإن العلاج يكون عادةً داعمًا، مثل الراحة، تناول السوائل، وتخفيف الأعراض بالأدوية مثل مسكنات الألم.

• إذا كانت العدوى بكتيرية: فقد يصف الطبيب مضادات حيوية.

• إذا كان السبب هو ورم سرطاني: فيجب إجراء العلاج المناسب مثل الجراحة أو العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.

في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر متابعة مستمرة مع الطبيب للتأكد من أن الالتهاب قد تم علاجه بشكل كامل أو للتأكد من عدم حدوث مضاعفات.

5. الوقاية من التهاب غدد الرقبة

من أجل تقليل خطر الإصابة بالتهاب غدد الرقبة، يمكن اتباع بعض الإجراءات الوقائية مثل:

• الحفاظ على النظافة الشخصية: غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب التلامس المباشر مع الأشخاص المصابين بالعدوى.

• علاج الالتهابات في الفم والأسنان بسرعة: للحفاظ على صحة الفم والأسنان وتجنب انتقال العدوى إلى الغدد اللمفاوية.

• اللقاحات: التأكد من الحصول على اللقاحات اللازمة مثل لقاح الأنفلونزا.

6. الخلاصة

التهاب غدد الرقبة هو حالة صحية شائعة قد تنجم عن عدوى فيروسية أو بكتيرية، وقد تكون مؤشرًا على وجود مشاكل صحية أكبر مثل الأورام السرطانية. يمكن أن تتنوع الأعراض من التورم البسيط إلى الأعراض الأكثر حدة مثل الحمى وصعوبة التنفس. تشخيص هذا الالتهاب يتطلب فحصًا دقيقًا من قبل الطبيب، وقد يشمل بعض الفحوصات الإضافية. علاج التهاب غدد الرقبة يعتمد على السبب الكامن وراءه، وغالبًا ما يتطلب استخدام الأدوية المناسبة والرعاية الطبية.

من المهم أن يتم التعامل مع التهاب غدد الرقبة بجدية، خاصة إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت، لضمان العلاج الفعال والتقليل من خطر حدوث مضاعفات.